البعد الآبائى فى تعاليم البابا شنوده الثالث

القيت هذه المحاضرة بلقاء العقيدة ، بالمركز الثقافى القبطى بالقاهرة ، عشية عيد الصليب ، يوم السبت الموافق 18 / 3 / 2017م .

مقدمة :

نحن كجيل ، مع عدة أجيال عاصرنا قداسته ، فنحتسب أنفسنا مغبوطين ، أننا عصرناه ، ورأينا حياته المعاشة ، ومواقفه وتعاليمه وكتاباته .

نشكر أسقفية الشباب ، بقيادة نيافة الأنبا موسى – أسقف عام الشباب . والمركز الثقافى القبطى ، بقيادة وإشراف نيافة الأنبا أرميا ، على الدعوة لهذا اللقاء ، وتحديد موضوعاته والمتكلمين فيه .

البعض يتهم قداسته ، بأنه كان بعيداً عن تعاليم وقرارات وقوانين الآباء .

وهذه تهمة غير حقيقية ، ولا صحة لها على الإطلاق ، وذلك لأسباب عديدة !! .

الموضوع ينقسم إلى جانبين وهما :

v عوامل ساعدت قداسته ، على أن يكون بعد آبائى فى تعاليمه .

v جوانب تؤكد البعد الآبائى ، فى تعاليم غبطته .

ولنرجع إلى الجانب الأول وهو :

أولاً - عوامل ساعدت قداسته ، على أن يكون بعد آبائى فى تعاليمه :

وفى مقدمة هذه العوامل :

1 - كان يتميز قداسته ، بالذكاء الشديد ، وبموهبة تعليم متميزة ، وحب وانتماء ، وإخلاص للكنيسة وعقائدها ، بأسلوب منقطع النظير .

2 – الإلمام الدقيق بتعاليم كنيستنا ، وذلك من خلال تلمذته على العلوم الكنسية المختلفة ، بالكلية الإكليريكية القسم المسائى .

3 – كثرة الإطلاع ، وتنوعه .

4 – القدرة على الفرز والتمييز ، بين تعاليم كنيستنا ، التى هى امتداد للكنيسة الجامعة ، والتعاليم الأخرى الغريبة .

5 – معايشتة لتعاليم الكنيسة وعقائدها ، فى حياته الخاصة .

6 – اقتناء مكتبة كبيرة خاصة به ، فى عدة مقرات ، ساعدته على الإطلاع فى أى وقت وأية مكان .

7 – تعينه مدرساً بالكلية الإكليريكية ، تلك المسئولية ساعدته على الإستمرارية فى الدراسات والبحث والتحضير .

8 – إسناد مسئولية مكتبة دير السريان لقداسته ، وقت أن كان راهباً بدير السريان .

9 – مسئولياته عن الإكليريكيات والمعاهد الدينية والتربية الكنسية ، بعد سيامته أسقفاً للتعليم ، وإستمراريته فيها حتى بعد أن تمت سيامته بابا وبطريرك للكنيسة ، وحتى يوم نياحته .

10 – مسئوليته عن تحرير مجلة مدارس الأحد وكتابة مقال بها ، بالإضافة إلى مجلة الكرازة وكتابة مقالات بها ، ومسئوليته عن تحريرها .

11 – لم يكتفى بمعرفته السابقة الكبيرة من قراءة وتحضير ، بل استمر يقرأ ويدرس ويحضر فى كل موضوع يتكلم فيه ، وذلك حتى نهاية حياته .  

ثانياً - جوانب تؤكد على البعد الآبائى ، فى تعاليم غبطته :

1 – كان قداسته يقتبس من تعاليم الآباء ، فيما يخدم موضوعه ومنهجه ، الذى يتكلم أو يكتب فيه .

2 – كان يقدم للناس سيرهم وتعاليمهم وقوانينهم ، فى محاضراته الأسبوعية بالقاهرة والإسكندرية والمهجر ، وفى منهجه الذى يدرسه لطلبة الكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات ، ولرهبان وراهبات الأديرة ، على مدار ما يقرب من خمسون عاماً .

3 – كانت لدى قداسته رؤية ، فى ما يخدم مصلحة الكنيسة ، ويرفع من شأنها ، ويرجعها إلى أمجادها ، مع الحفاظ على ثوابتها الإيمانية والعقائدية ، كوديعة مسلمة إليه .

4 – ما قرره الآباء من قرارات وقوانين فى مجامع محلية أو مسكونية أو غيرها ، كان يطبقه على نفسه، وفى تعاليمه وفى قياداته الكنسية ، ولا يتخطاه ، ولا يسمح لأحد أن يتخطاه أياً كان .

5 – من الملاحظ فى الحوارات المسكونية مع العائلة الأرثوذكسية ، والطوائف ، كان قداسته أو من يمثله ويمثل الكنيسة ، فى تلك الحوارات يضع قرارات المجامع المحلية والمسكونية ، وتعاليم الآباء ، بالإضافة إلى تعاليم الكتاب المقدس ، كمراجع يستندوا إليها ، فى ما كانت الكنيسة عليه سابقاً ، وما يجب أن تكون عليه من الحوارات وما بعدها .

6 – كان قداسته لا يوظف أو يحور ، تعاليم الآباء إلى أراء وأهواء شخصية ، كما فعل البعض سابقاً ، ويفعلون حالياً ، بل كان يوظفها لما يخدم مصلحة الكنيسة ، وسلامة ونقاوة تعاليمها وعقائدها .

7 – كان قداسته يحيى مناسباتهم وتذكاراتهم ، وذلك لتكريمهم ، للتعلم منهم ومن تعاليمهم ، من خلال إلقاء موضوعات عن سيرهم ، مع عمل إحتفالات عدة أيام فى بعض الأماكن ، وعمل الحنوط لتطيب أجسادهم ورفاتهم .

8 – ترك لنا كنوز مسجلة ، على أسطوانات وكاسيتتات وسيدهات ، ومقالات كثيرة ، مكتوبة فى مجلات وجرائد عامة وخاصة .

9 – ومع ذلك ترك لنا قداسته ، كتب كثيرة التى زاد عددها عن المائة والخمسون كتاباً ، والبعض منها عن سير الآباء وتعاليمهم وقوانينهم ، والبعض الآخر نجد داخلها إقتباسات كثيرة ، تخدم الموضوعات التى يتكلم فيها الكتب التى أصدرها .

10 – شهد العالم لقداسته فى الداخل والخارج ، من خلال الجامعات الدولية ، والمؤسسات العالمية ، بأنه أحد رموز العلم والتعليم فى العالم ، لذلك قدموا لغبطته شهادات دكتوراه فخرية ، وهدايا تذكارية تكريماً له .

11 – أخيراً حول هذه التعاليم إلى حياة ، لدى حاملى الكهنوت والخدام والشعب ، وذلك من خلال معايشته لهذه التعاليم وقدوته ، وتعاليمه التى كان يقدمها للجميع ، بأساليب وطرق متنوعة ، طوال نصف قرن من الزمان .  

تحريراً :  18 / 3 / 2017م